فاتحة القصائد

مارس 20, 2012 | بستان الشعر | 0 تعليقات

فاتحة القصائد

في الشارع الشرقي، كنا ننهب الخطوات، نحو مقاعد الخلفاء،
كنا ننهب الخطوات نحو الفندق الشرقي في طرف المدينة
نجلس في السرادق
نشرب قهوة الأحزان
يأخذنا الحديث الغضّ
والصبوات.. تأخذ غايتها الجميلة
نشرب ماء رغبتنا الطرية، والمياه غزيرة، نبتلّ
كنا كما يبتلّ عصفور، فيهبط تحت سقف سارية
فذلك وجهنا السري
كان الفندق الشرقي مبتهجاً،
وكان الحزن
كان الفندق الشرقي منفرداً، تحيط به الفراسخ، والمنائر،
والصفيح..

أهذا الوقت مبتدأ..؟
وهذا الصمت في عينيك فاتحة العذاب العذب
لولا الحزن ما كنا على وعد،
نفتّق قسوة الصحراء
نعشق نخل “دارين”
نمر منازل الفقراء في باب المدينة، مسرح الأطفال
في قاع المدينة.. هل رأيت…؟
كما ترين.. الوقت كان فاتحة
وكان صباحنا عشقاً وأسئلة
نهاجر في غضون الليل، نحو الغرفة – المنفى
نبارك خطوة الآتين، كالأشجار، كالأنهار
مثل عقارب الصحراء، لا ماء، ولا زاد
يضيء رماد وحشتهم

سوى الطرقات تكسر صمتها الأبدي
سوى التاريخ يشهد موت سيده
سوانا حين نشرب نخب أعينهم
وننهل ماء “تمرتهم” على عطش
هنالك ترقص الصحراء عارية،
وتورق في عيون الخيل آمال مسرّجة
وحين تقلّها الهضبات من نجد
وتمنحها الجبال السمر لهفتها
تضج الأرض بالأسرار
تودع في عذوق النخل سر الصرخة الأولى
تمر بنا الخيول الحمر مسرعة، وقد وردت
على ماء ببادية الحجاز
فهفت الأوراق للفرح،
الرســول
هذا النخل من “جيزان”
من “نجران”
من بوابة “الأحساء”
من نبع بأطراف “القصيم” جرى
فكان الشعر…
كان الموت يمعن في تودده
وصرنا ننهب الخطوات نحو الفندق الشرقي
نذكر كيف مات الموت، جاع الجوع
صار الرعب أغنية على الطرقات،
صار الرعب أغنية
تفجر شهوة الكلمات
هذا الوقت فاتحة كما تدرين
هذا الصمت في عينيك، نبع قصائدي الظمأى
تقولين المدى رحب،
وشارعنا الذي هدموه لن ينسى طفولته
تقولين المدى بيت، ومدرسة
وحين تغادرين البيت، تأخذك المواعيد
كأن مداخل الطرقات لم تأبه لمشيتنا، وشكل لباسنا
المرتاب، رجفة صوتنا الشجري يطلع من غبار الرمل
ننظر في وجوه الناس عند تجمع العربات في الشارات
يقتلهم لهاث الوقت
يفجأهم نداء البائع الجوال محتضناً جرائده
تباغتهم عناوين مهذبة، فتمنحهم سكون الأرنب
القروي
تزرع في مفاصلهم ثمار شجيرة الصبار
واليرقات
تلك نهاية الأوقات، فاتحة القصائد في شغاف القلب
أنت قصيدتي الأولى
سيكتبها الصغار على دفاترهم
ستحملها حقائبهم، كوقع الموكب التتري
أنت قصيدتي الأولى،
سأكتب فيك ما أهواه، من وطني
ومن عينيك
أسبح في غديرهما
أكون سؤال صعلوك، تبعثر في فجاج الأرض
أوقد نار شهوته، على الفلوات
أنت قصيدة الأوقات
حين ترين أسئلتي تخف إليك
تسأل عن بذور العشق، واللعنات
كوني أرحم اللعنات،
في وجهي
أو انبثقي
انبثاق شرارة المنفى…